يوميات موظف مصري
الكاتب: إعداد روزماري
"إن فاتك الميري إتمرغ في ترابه".. مثل كان يقوله أجدادنا زمان لكل شاب تخرج وينتظر الوظيفة أما في عصرنا هذا فنقول: "إن فاتك الميري إياك ترجع له"، فحين سمعت من موظف حكومي ما قاله قلت حقا الله يرحم موظف الحكومة بتاع زمان ويرحم هيبته ومكانته.
وإليك عزيزي ما قاله: "أنا كمواطن مصري، أحب بلادي، وحبها يسرى في دمى. فلقد عاش على أرضها أجدادي العظماء بتاريخهم الطويل المشرف. فأحلم وأتمنى دائما بتقدمها وازدهارها. فكم أشعر بالغيرة - تؤجج ناراً تسري في أوصالي - حينما أرى المنتجات الصينية تغزو الأسواق العالمية، والمصنوعات اليابانية صاحبة الجودة العالية. وأتمنى أن تكون بلدي المحبوبة مصر -أرض الحضارة الفرعونية الأصيلة- صين أو يابان آخر، ولكن كيف يكون هذا في غياب الضمير؟!!
"فأنا شاب تخرجت في كلية التجارة... وكأحلام الشباب كانت طموحاتي كبيرة بالحصول على فرصة عمل أبدع فيه وأستثمر طاقاتي لخير بلادي، لكنني كنت محظوظاً فلقد جاءني التعيين في إحدى المصالح الحكومية التي في قلب العاصمة القاهرة، فكدت أطير من الفرح والسعادة، لان العمل بالحكومة فرصة نادرة حيث المرتب الثابت والمواعيد الثابتة والضمان الوظيفي والتأمينات الاجتماعية. والمثل يقول: "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه".
"استلمت العمل في المصلحة الحكومية حيث رأيت العجب الذي لم يخطر ببالي يوما. في البداية كنت ثائراً متعجباً ولكن مع مرور الوقت أصبح شيئاً عادياً في حياتي.. فقد تعودته. ومع البيروقراطية وصعوبة الحياة وغلاء المعيشة تبخرت الأحلام والطموحات.
"القسم الذي استلمت العمل به في المصلحة كان عبارة عن حجرة كبيرة تشبه عنابر مستشفيات قصر العيني تحوي بداخلها خمسين مكتباً للموظفين متراصين ومتلاصقين بجوار بعضهم، فالمكان لا يشجع على العمل، وحجم العمل لا يتناسب مع العدد الضخم للموظفين، بالإضافة إلى أنك تشعر وكأنك في سوق للبيع والشراء بسبب الضوضاء والرغي (الحكاوي)، والشغب والخناقات المستمرة لأتفه الأسباب وغيرها. مواعيد العمل الرسمية للحضور والانصراف شيء والحضور والانصراف الفعلي للموظفين شيء آخر مختلف تماماً، والسبب هو "على قد فلوسهم" حيث يقضي الموظف في العمل حوالي خمس ساعات تمر بالنسبة له وكأنها دهر فهو يسأل بين الحين والآخر: "الساعة كام؟، إمتى هنمشي؟" وكأنه على موعد مع رئيس الوزراء.
"يبدأ يوم العمل بالإفطار وشرب الشاي وقراءة الجرائد. وتبدأ السيدات الموظفات في البرنامج اليومي للحكايات عن كل شيء: لدءً بالطبيخ مروراً بالمسلسل التلفزيوني ولا مانع من التحدث عن مشكلات الزواج والطلاق، وماذا عن أسعار اللحوم والفراخ، وتهريج الموظفين والكلام الغير اللائق طول الوقت، والعجب لو أن دخلت سيدة تسأل عن مصلحة لها فتبدأ المعاكسات والهمز واللمز (حتى من الموظفات أيضاً) وكأنهم لم يروا سيدة من قبل. دون مراعاة مشاعرها.
"سيادة رئيس القسم طوال اليوم يتردد على مكتب سيادة المدير العام لتوطيد العلاقات فالوساطة والمحسوبية هي التي توصل للترقية! وليس للعمل الجاد والشغل أي قيمة إذا كنت غير معروف أو بلا علاقات.
"يمر الوقت ويأتي وقت صلاة الظهر يترك السادة الموظفون مكاتبهم ويذهبون إلى المصلى (أو في إحدى أروقة أو طرقات المصلحة)، وحينئذ يكون قد خلى القسم وساد الهدوء قليلا وبدأت تهدأ أعصاب ويصفو فكر المتبقين من الضوضاء ولكن هيهات أن يستمر الوضع فسرعان ما يعودون ومعهم الاضطراب والقلق. "يجلس في المكتب الذي أمامي موظف ملتحي يدعى الشيخ (خ). جاءني يدعوني إلى الإسلام! فأجبته يا أستاذ نحن في مصلحة حكومية وليس في دار للدعوة. فالمناقشة هنا لا تجدي والحديث عن الأديان داخل المصلحة فيه أمن دولة. وفى الحقيقة أنا مسيحي ولا يهمني الحوار في هذا الموضوع فهو ليس ضرورياً عندي. والعجيب أن سلوكياته وأخلاقياته "لا يحسد عليها" فهو يتبادل مع أصدقائه الأفلام الثقافية وكلام المزاح والهزل وتعكس بالضبط ما بداخله "أيها الطبيب اشف نفسك!!".
"وفى نهاية الشهر يتم تحرير استمارات مكافآت العاملين التي تسمى "الحافز المميز" وذلك على المجهود الضخم المبذول طول الشهر في الحكايات والشجار والإهمال واللامبالاة!! "إنني حزين على حياتنا التي تمر بلا ثمر ولا نمو ولا تقدم والعالم من حولنا يستبق الزمن في الصناعة والتكنولوجيا الحديثة والتعليم والفضاء، وفى كل مجالات الحياة. نحن مازلنا نحمل روح التعصب والحقد فهذا يهودي عدو الله وهذا قبطي كافر وأن "الدين عند الله الإسلام".
"متى يستيقظ الضمير الإنساني؟ متى نصحو إلى أنفسنا؟ متى نتخلص من الكسل والخمول؟ متى نتحرر من الذات والأنانية والحقد والتعصب؟ متى يسود الحب والمودة؟ متى ننطلق من هاوية التخلف ونساير العلم الحديث؟ متى نحترم الإنسان؟ متى نحب بلادنا التي نعيش على أرضها ونرتوي من نيلها؟ متى يشرق نورك يا إلهي على بلادي فيبدد ظلام الجهل والتعصب؟
"لن نيأس أبداً فنحن نحيا بالإيمان والرجاء فالله قادر على كل شيء وليس شيء غير مستطاع عنده. لن نكف عن العمل والصلاة من أجل بلادنا الحبيبة حتى يتغير حالنا ويشرق نور العلم والمعرفة في قلوبنا ويكون المستقبل مشرق لكل الأجيال القادمة"
وإليك عزيزي ما قاله: "أنا كمواطن مصري، أحب بلادي، وحبها يسرى في دمى. فلقد عاش على أرضها أجدادي العظماء بتاريخهم الطويل المشرف. فأحلم وأتمنى دائما بتقدمها وازدهارها. فكم أشعر بالغيرة - تؤجج ناراً تسري في أوصالي - حينما أرى المنتجات الصينية تغزو الأسواق العالمية، والمصنوعات اليابانية صاحبة الجودة العالية. وأتمنى أن تكون بلدي المحبوبة مصر -أرض الحضارة الفرعونية الأصيلة- صين أو يابان آخر، ولكن كيف يكون هذا في غياب الضمير؟!!
"فأنا شاب تخرجت في كلية التجارة... وكأحلام الشباب كانت طموحاتي كبيرة بالحصول على فرصة عمل أبدع فيه وأستثمر طاقاتي لخير بلادي، لكنني كنت محظوظاً فلقد جاءني التعيين في إحدى المصالح الحكومية التي في قلب العاصمة القاهرة، فكدت أطير من الفرح والسعادة، لان العمل بالحكومة فرصة نادرة حيث المرتب الثابت والمواعيد الثابتة والضمان الوظيفي والتأمينات الاجتماعية. والمثل يقول: "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه".
"استلمت العمل في المصلحة الحكومية حيث رأيت العجب الذي لم يخطر ببالي يوما. في البداية كنت ثائراً متعجباً ولكن مع مرور الوقت أصبح شيئاً عادياً في حياتي.. فقد تعودته. ومع البيروقراطية وصعوبة الحياة وغلاء المعيشة تبخرت الأحلام والطموحات.
"القسم الذي استلمت العمل به في المصلحة كان عبارة عن حجرة كبيرة تشبه عنابر مستشفيات قصر العيني تحوي بداخلها خمسين مكتباً للموظفين متراصين ومتلاصقين بجوار بعضهم، فالمكان لا يشجع على العمل، وحجم العمل لا يتناسب مع العدد الضخم للموظفين، بالإضافة إلى أنك تشعر وكأنك في سوق للبيع والشراء بسبب الضوضاء والرغي (الحكاوي)، والشغب والخناقات المستمرة لأتفه الأسباب وغيرها. مواعيد العمل الرسمية للحضور والانصراف شيء والحضور والانصراف الفعلي للموظفين شيء آخر مختلف تماماً، والسبب هو "على قد فلوسهم" حيث يقضي الموظف في العمل حوالي خمس ساعات تمر بالنسبة له وكأنها دهر فهو يسأل بين الحين والآخر: "الساعة كام؟، إمتى هنمشي؟" وكأنه على موعد مع رئيس الوزراء.
"يبدأ يوم العمل بالإفطار وشرب الشاي وقراءة الجرائد. وتبدأ السيدات الموظفات في البرنامج اليومي للحكايات عن كل شيء: لدءً بالطبيخ مروراً بالمسلسل التلفزيوني ولا مانع من التحدث عن مشكلات الزواج والطلاق، وماذا عن أسعار اللحوم والفراخ، وتهريج الموظفين والكلام الغير اللائق طول الوقت، والعجب لو أن دخلت سيدة تسأل عن مصلحة لها فتبدأ المعاكسات والهمز واللمز (حتى من الموظفات أيضاً) وكأنهم لم يروا سيدة من قبل. دون مراعاة مشاعرها.
"سيادة رئيس القسم طوال اليوم يتردد على مكتب سيادة المدير العام لتوطيد العلاقات فالوساطة والمحسوبية هي التي توصل للترقية! وليس للعمل الجاد والشغل أي قيمة إذا كنت غير معروف أو بلا علاقات.
"يمر الوقت ويأتي وقت صلاة الظهر يترك السادة الموظفون مكاتبهم ويذهبون إلى المصلى (أو في إحدى أروقة أو طرقات المصلحة)، وحينئذ يكون قد خلى القسم وساد الهدوء قليلا وبدأت تهدأ أعصاب ويصفو فكر المتبقين من الضوضاء ولكن هيهات أن يستمر الوضع فسرعان ما يعودون ومعهم الاضطراب والقلق. "يجلس في المكتب الذي أمامي موظف ملتحي يدعى الشيخ (خ). جاءني يدعوني إلى الإسلام! فأجبته يا أستاذ نحن في مصلحة حكومية وليس في دار للدعوة. فالمناقشة هنا لا تجدي والحديث عن الأديان داخل المصلحة فيه أمن دولة. وفى الحقيقة أنا مسيحي ولا يهمني الحوار في هذا الموضوع فهو ليس ضرورياً عندي. والعجيب أن سلوكياته وأخلاقياته "لا يحسد عليها" فهو يتبادل مع أصدقائه الأفلام الثقافية وكلام المزاح والهزل وتعكس بالضبط ما بداخله "أيها الطبيب اشف نفسك!!".
"وفى نهاية الشهر يتم تحرير استمارات مكافآت العاملين التي تسمى "الحافز المميز" وذلك على المجهود الضخم المبذول طول الشهر في الحكايات والشجار والإهمال واللامبالاة!! "إنني حزين على حياتنا التي تمر بلا ثمر ولا نمو ولا تقدم والعالم من حولنا يستبق الزمن في الصناعة والتكنولوجيا الحديثة والتعليم والفضاء، وفى كل مجالات الحياة. نحن مازلنا نحمل روح التعصب والحقد فهذا يهودي عدو الله وهذا قبطي كافر وأن "الدين عند الله الإسلام".
"متى يستيقظ الضمير الإنساني؟ متى نصحو إلى أنفسنا؟ متى نتخلص من الكسل والخمول؟ متى نتحرر من الذات والأنانية والحقد والتعصب؟ متى يسود الحب والمودة؟ متى ننطلق من هاوية التخلف ونساير العلم الحديث؟ متى نحترم الإنسان؟ متى نحب بلادنا التي نعيش على أرضها ونرتوي من نيلها؟ متى يشرق نورك يا إلهي على بلادي فيبدد ظلام الجهل والتعصب؟
"لن نيأس أبداً فنحن نحيا بالإيمان والرجاء فالله قادر على كل شيء وليس شيء غير مستطاع عنده. لن نكف عن العمل والصلاة من أجل بلادنا الحبيبة حتى يتغير حالنا ويشرق نور العلم والمعرفة في قلوبنا ويكون المستقبل مشرق لكل الأجيال القادمة"
الثلاثاء أغسطس 05, 2014 1:35 pm من طرف نادى بولس
» سلسلة إظهار العهد الجديد فى العهد القديم - مقدمة
الأربعاء مارس 05, 2014 2:18 am من طرف sallymessiha
» معانى كلمات سفر القضاة
الجمعة أكتوبر 28, 2011 3:13 am من طرف sallymessiha
» منتدى حبيب الطلبة
الجمعة فبراير 25, 2011 7:52 pm من طرف ميرهام نشأت
» منتديات بنت البابا
الجمعة فبراير 25, 2011 7:49 pm من طرف ميرهام نشأت
» معانى كلمات سفر التكوين
الإثنين سبتمبر 06, 2010 2:10 pm من طرف sallymessiha
» 6- مقالات قصيرة عن الروح القدس - ابونا متى المسكين - إعلان الروح
الإثنين سبتمبر 06, 2010 2:08 pm من طرف sallymessiha
» افتتاح منتديات القمص عبد المسيح بسيط ابو الخير
الإثنين سبتمبر 06, 2010 2:07 pm من طرف sallymessiha
» منتدى السيدة العذراء بالعزية
السبت أغسطس 14, 2010 9:01 am من طرف sallymessiha